قصة جميله اوى لأبونا توما السريانى

ذات يوم كنت نائما فى حجرتى ما بين الحلم و اليقظه . فتحت عينى فوجدت نفسى فى حجرة غريبة جدا !! حجرة امتلأت بالملفات الضخمة على أرفف على كل حوائطها من الأرض الى السقف ، كانت الملفات كبيرة و قديمة ، مثل التى تستخدم فى الشركات و المكتبات .
اقتربت من الحائط لأدقق النظر ، و كان أول ملف لفت نظرى كان بعنوان ( أعز أصدقائى ) فتحته لأتفحصه ، و لكننى أغلقته بسرعة اذ صدمت عندما تعرفت على الأسماء المكتوبه فيه ، و عندئذ عرفت أين أنا .. فى حجرة ملفات حياتى ، هنا كتبت كل أفعالى كبيره و صغيره .. كل ثانية فى حياتى مسجلة هنا !! انتابنى شعور برعب ممزوج بحب الاستطلاع ، و بدأت أستكشف باقى الملفات . بعضها ملأنى بالندم الشديد .. حتى اننى كنت أنظر حولى لأتأكد من عدم وجود أحد معى فى الحجره . كانت المواضيع كثيرة و متنوعة منه ( كتب قرأتها ) ( أصدقاء خنتهم ) ( أكاذيب قلتها ) ( كلمات تعزية قلتها ) ( نكت ضحكت عليها )
و البعض كان شديد الدقة فى التبويب مثل : المرات التى صحت فيها فى وجه أخى ، أشياء فعلتها و أنا غضبان ، شتائم قلتها فى سرى كانت المحتويات عجيبة … بعضها اكثر مما أتوقع و البعض الآخر أقل مما كنت أتمنى …
كنت أتعجب من كم الملفات التى كتبتها فى سنواتى العشرين ، و هل كان عندى وقت لأكتب ما يقرب من المليون ورقة !! و لكنها الحقيقة ؛ كانت الأوراق مكتوبة بخط يدى و تحمل امضائى ..
فتحت ملف اسمه ( أغانى استمعت اليها ) كان ممتلئا على آخره لدرجة انى لم اصل حتى نهايته فأغلقته بسرعه .. ليس فقط خجلا من نوعية الأغانى ، بل خجلا أيضا من الوقت الذى أضعته و أنا استمع اليها ، عندئذ رأيت ملفا آخر يحمل عنوان ( أفكار شريرة ) سرت فى جسدى برودة ، لم أرد أن اعرف حجم الملف فأخرجت ورقة واحده فقط .. و لم أطق أن اتصور ان حتى هذه اللحظات سجلت فقررت عندئذ أن أدمر هذه الحجره بما فيها !! لا ينبغى أن يرى أحد هذه الحجرة و لا حتى ان يعلم بوجودها .. أخرجت الملف الأخير و حاولت تقطيعه و لكنى فزعت عندما لم يتقطع الورق و كأنه مصنوع من حديد .. أعدته الى مكانه و أسندت رأسى على الحائط ، و بدأت أتنهد و ابكى ثم لاحظت ملفا اخر بعنوان ( الأشخاص الذين شهدت للمسيح أمامهم ) كان الملف جديدا و كأنه غير مستعمل … فتحته فوجدت عدد الأشخاص يُعد على أصابع اليد الواحدة ، بدأت دموعى تنساب ثم تحولت الى بكاء مر ، ركعت على ركبتى و أخذت أبكى من الخجل و الندم ، و نظرت الى الحجرة بعيون مملوءة دموع .. لابد أن أغلقها بسرعة ثم أخفى المفتاح لكى لا يراه احد
لا أدرى كم من الوقت قد مر قبل أن آراه آتيا .. لا …. لا أريده أن يدخل هذه الحجرة !! يسوع المسيح دون الكل لا أريده أن يرى هذا .. تطلعت اليه عندما أخذ يفتح الملفات و يقر أ .. و فى اللحظات التى أستطعت أن أنظر فيها فى وجهه ، رأيت حزنا أكثر من حزنى ، لقد ذهب لأسوأ الملفات …لماذا يقرأكل ورقه .. ؟ نظر الى بشفقة .. و وقتها أحنيت رأسى و بدأت أبكى بمرارة من جديد … جاء الى و انحنى ليحيطنى بيديه الحانيتين .. كان يمكن أن يقول لى أشياء كثيرة و لكنه لم يفعل .. بل بدأت دموعه تنساب و هو يربت على ثم نهض و اتجه الى ملفات أخرى و أخرج ورقة تلو الأخرى و بدأ يوقع اسمه على كل واحدة منها .. و لكنى صرخت : لا .. لا تفعل هذا ، فهذه أعمالى النجسة و لكن عندما نظرت الى الورقة لم أجد سوى امضاء ( يسوع ) مكتوبا عليها بدم أحمر قانى ، و لم يعد يوجد كلام آخر على الورقة بل أصبحت ناصعة البياض ، فعل هكذا بجميع الورق ثم أخذنى بين أحضانه فى حنان ليس له مثيل عندئذ سجدت أمامه و أنا أقول :من الآن يا سيدى بمعونتك سوف أواظب على التوبة و الاعتراف و التناول من الجسد و الدم الكريمين و أكتب أعمالى تبعا لأقوالك
القمص توما السريانى