سؤال: يقول الكتاب: لنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار..” (1يو1:2). أليس هناك تناقض عندما نتشفع بالقديسين والسيدة العذراء وغيرهم، ولنا شفيع واحد هو المسيح (1تي1:2)؟!

سؤال آخر: ما هي إثباتات شفاعة الأموات في الأحياء؟  وشفاعة الملائكة؟

الإجابة:

الشفاعة Intercession هي التوسل أو الصلاة من أجل الآخرين، وهي لا تنبعث من مجرد العاطفة أو المنفعة، بل عن إدراك واع بأن علاقة الله بالإنسان ليست علاقة فردية فحسب، بل واجتماعية أيضًا، فهي تمتد إلى علاقة الإنسان بالإنسان.

ومن العجيب أن تنكر بعض طوائف البروتستانت شفاعة القديسين متعللة بأن التشفع بالقديسين يفقد السيد المسيح وظيفة هامة من وظائفه وهي التوسط بين الآب والجنس البشري استنادًا إلى ذبيحته الكفارية على عود الصليب. كما تستكثر على كنيستنا العظيمة أن تطلب توسلات القديسين من أجلها باعتبار أنهم أموات غير قادرين على تلبية هذا النداء. وتعود هذه الاعتراضات إلى عدم فهم واضح لماهية الشفاعة ومعناها اللغوي وأهميتها، كذلك تعود إلى عدم فهم لماهية الكنيسة وارتباط أعضائها جميعًا بالرأس الواحد ربنا يسوع المسيح. وحينما تتحدث مع بعض المعترضين تجد أنهم غير مدركين جيدًا لمعنى الشفاعة في الكنيسة الأرثوذكسية. وسوف نحاول في هذه الكلمات البسيطة أن نتعرف على بعض النقاط الهامة المرتبطة بهذا الموضوع:

  1.  معنى كلمة الشفاعة:

تذكر كلمة الشفاعة مرات عديدة في العهدين القديم والجديد، وقد ترجمت الكلمات العبرية واليونانية الدالة عليها إلى العديد من الكلمات التي توضح المعنى ففي العهد القديم تدل عليها كلمة  egp(بغى) العبرية والتي تعطى معنى قريب من المعنى العربي للكلمة بمعنى: “أراد الشيء وطلبه وألح فيه”، “يقدم التماسا بغرض قبوله”، “يتوسط” وقد ترجمت هذه الكلمة إلى “يلح” في (راعوث 1: 16، إرميا 7: 16)، و”يلتمس” في (تك 23: 8، أي 21: 15)، و”يتوسل” في (إرميا 27: 18)، و”يتضرع” (إرميا 15: 11).

أما في العهد الجديد فقد دلت عليها الكلمة اليونانية entugcanw(انتيجخانو) بمعنى “يلتمس أو يتوسل” (أع 25: 24، رو 8: 26 و27 و34، 11: 2، عب 7: 25)، كما ترجمت إلى كلمة صلاة في (1 تي 4: 5)، ابتهالات في ( 1 تي 2: 1).

ويتضح في العديد من هذه المواقع السابقة أن الشفاعة مقبولة بل مطلوبة من رجال الله الأنبياء والقديسين من أجل سكان الشعوب التي يعيشون بينهم ومن أجل شفاء آخرين أو التوسل من أجل عدم هلاكهم.

  1.  كنيسة الأحياء:

ومن الضروري حينما نتحدث عن الكنيسة أن لا نتحدث عنها بصورة أحياء وأموات، فمن الخطأ أن نعتقد أن الذين يعيشون الآن من أعضاء الكنيسة هم الأحياء بينما المنتقلين من الآباء والقديسين هم أموات حيث أن هذا مخالف لتعاليم السيد المسيح نفسه حينما يقول:” أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب، ليس الله اله أموات بل اله أحياء” (مت 22: 32). “ليس هو اله أموات بل اله أحياء. فأنتم إذا تضلون كثيرًا” (مرقس 12: 27)، “وليس هو اله أموات بل اله أحياء لأن الجميع عنده أحياء” (لوقا 20: 38). فمن الضروري أن نتحدث عن الكنيسة باعتبارها كنيسة واحدة، جسد المسيح الحي، بقسميها الكنيسة المنتصرة وتشمل المنتقلين الذين أكملوا جهادهم على الأرض وهم الآن أحياء بأرواحهم في الفردوس، والكنيسة المجاهدة وتشملنا نحن الذين نجاهد من أجل أن نكمل سعينا بخوف ورعدة.

ولذا فإننا لا نجد أي وجاهة في اعتراض البروتستانت بأنه لا يجوز أن نطلب توسلات وشفاعة الأموات من أجلنا وأن الشفاعة قاصرة على الأحياء فقط لأنه إن كنا نطلب صلوات المجاهدين الذين يتعرضون للتجارب والضيقات والآلام من أخوتنا على الأرض فكم بالأولى أن نطلب صلوات الذين انتصروا واقتربوا أكثر من الله.

 

  1. الحقيقة أن هناك فارِقًا أساسيًا كبيرًا بين شفاعة المسيح وشفاعة القديسين: فشفاعة المسيح شفاعة كفارية..

 أي أن السيد المسيح يشفع في مغفرة خطايانا باعتباره الكفارة التي نابَت عنا في دَفع ثمن الخطية. وهكذا يقف وسيطًا بين الله والناس. بل هو الوسيط الوحيد؛ أي أنه أعطى الآب حقه في العدل الإلهي، وأعطى الناس المغفرة، بأن مات عنهم، كفّارة عن خطاياهم.

 وهذا هو المعنى الذي يقصده القديس يوحنا الرسول. فهو يقول: “إن أخطأ أحد، فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار. وهو كفّارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضًا” (1يو1:2، 2).

 هنا تبدو الشفاعة الكفارية واضحة. فهي شفاعة في الإنسان الخاطئ “إن أخطأ أحد”، وهذا الخاطئ يحتاج إلى كفارة. ونفس المعنى هو الذي قاله بولس الرسول، ونجده عندما نكمل الآية: “وسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه فِدية لأجل الجميع” (1تي5:2).

 هذا النوع من الشفاعة لا نِقاش فيه مطلقًا. إنه خاص بالمسيح وحده، أما شفاة القديسين في البشر، فلا علاقة لها بالكفارة ولا بالفداء. وهي شفاعة فينا عند السيد المسيح نفسه.

  1.  شفاعة القديسين فينا هي مجرد صلاة من أجلنا ولذلك فهي شفاعة توسلية غير شفاعة المسيح الكفارية.

 والكتاب يوافق عليها، إذ يقول: “صلوا بعضكم لأجل بعض” (يع16:5)، والقديسون أنفسهم كانوا يطلبون صلوات الناس عنهم. فالقديس بولس يقول لأهل تسالونيكي: “صلوا لأجلنا” (2تس1:3). ويطلب نفس الطلبة من العبرانيين (عب18:13)، وهنا كذلك (أف18:6)… إلخ.

 فإن كان القديسون يطلبون صلواتنا، أفلا نطلب نحن صلواتهم؟!

 وإن كنا نطلب الصلاة لأجلنا من البشر الأحياء، الذين لا يزالون في فترة الجهاد “تحت الآلام مثلنا”، أفلا نطلبها من القديسين الذي أكملوا جهادهم، وانتقلوا إلى الفردوس، يحيون فيها مع المسيح..؟!

 وإن كنا نطلب صلوات البشر، هل كثير أن نطلب صلوات الملائكة؟!

  1.  شفاعة الروح القدس:

فالروح القدس “المعزي الآخر” (يو 14: 16و 17، 15: 26، 16: 13 و14) يشفع في المؤمنين كما نقرأ في رسالة رومية:”وكذلك الروح أيضًا يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشف عuperentugcanw فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع entugcanw في القديسين” (رومية 8: 26، 27). وهنا نلاحظ عمل الروح القدس القوي في حياة المسيحي حينما ترتفع أناته المقدسة والمركزة فينا في الوقت الذي نكون فيه قد فقدنا القدرة على معرفة ما نصلي من أجله.

  1.  هل يستجيب الله لشفاعة العذراء والقديسين؟

يحتوي العهدين القديم والجديد على العشرات من المواضع التي تتحدث عن قبول الله لشفاعة قديسيه وأنبيائه والسيدة العذراء وسوف نذكر هنا مثالًا واحدًا ويمكن الرجوع إلى عشرات من هذه الأمثلة في الكتاب المقدس.

استجاب الله لشفاعة السيدة العذراء في عرس قانا الجليل رغم أن ساعته لم تكن قد جاءت بعد:”وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة.لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء. فملأوها إلى فوق. ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ .فقدموا.” (يو 2: 1-8).

أية شفاعة أعظم، وأية استجابة أسرع من هذه، إن كانت السيدة العذراء قد توسلت من أجل أصحاب الحفل في أمورهم المادية واستجاب لها الرب، أليس بالأولى أن نطلب شفاعتها من أجلنا لكي تطلب من ابنها الحبيب من أجل حياتنا الروحية والجسدية.

وكما سبق لا نستطيع أن ننكر شفاعة العذراء من أجلنا بدعوى إنها انتقلت الآن فمازالت العذراء عضو في الكنيسة وجسد المسيح تشفع في أبنائها المحتاجين إلى صلواتها وطلباتها وتوسلاتها من أجلهم أمام عرش النعمة. ولعل وجودها الدائم معنا من خلال ظهوراتها المتكررة في كل مكان في العالم – والتي لا يستطيع أحد إنكارها بعد أن رأيناها بعيوننا – والمعجزات الكثيرة التي تقوم بها هو خير دليل على اهتمامها بنا.

ولكننا ينبغي أن نعلم أننا حينما نطلب شفاعة العذراء والملائكة وتوسلات وصلوات القديسين من أجلنا فإننا لا نقدم لهم الصلاة أو العبادة، فالعبادة والصلاة لا تقدم إلا لله الواحد المثلث الأقانيم. وإنما نحن نطلب منهم كأحباء لنا، مثلما يطلب الطفل الصغير من أمه أن تطلب من أبيه من أجله، رغم أن الأب يحب الابن ويفرح بتلبية جميع طلباته إن كانت في صالحه.

ولا يعني طلبنا لتوسلات القديسين من أجلنا أن نمتنع نحن عن الصلاة أمام الله من أجل أن يستجيب طلباتنا، فلابد أن نصلي بلجاجة، ويدعمنا في هذه الصلاة أعضاء جسد المسيح من القديسين الذين ارضوا الله بمحبتهم. فالله يحبنا ويريد أن نقرع ونطلب ونسأل، ليفتح ويعطي ويجيب جميع ما نطلب، بل وأكثر مما نطلب حسب غناه، حسب مشيئته الصالحة.

  1.  أمثلة للشفاعة:

* إن الله يطلب من الناس شفاعة الأبرار فيهم:

فقد قبلها من أبونا إبراهيم عندما أخطأ أبيمالك الملك (تك1:20-7).

واشترط شفاعة أيوب في أصحابه (أي7:42، 8).

ولا ننسى قصة شفاعة إبراهيم في سادوم عندما “تفاوض” مع الله لئلا يهلك المدينة..

وكذلك توجد شفاعة موسى في الشعب (خر7:32-14).

وقد تشفع داود النبي بعد موته في سليمان (1مل12:11، 13)، ويربعان (1مل31:11، 32، 34).

 إن كانت هكذا مكانة داود عند الرب، فمن بالأكثر تكون مكانة العذراء، والملائكة ومكانة يوحنا المعمدان أعظم مَنْ ولدته النساء.. وكم تكون مكانة الشهداء… لقد كان الله يرحم أحيانًا الناس من أجل قديسيه حتى دون أن يصلّوا كما رأينا في بعض الأمثلة! فكم بالأولى إن صلوا لأحد؟!

وإن كانت الشفاعة -وهي صلاة- تعتبر وساطة، وإن كانت كل وساطة غير مقبولة، تكون إذن كل صلاة إنسان من أجل إنسان آخر هي أيضًا وساطة مرفوضة إذ لنا وسيط واحد..!

 وبرفض وساطات الصلاة، يكون الرسول إذن قد أخطأ (حاشا) حينما قال “صلوا بعضكم لأجل بعض” (يع16:5)، على إعتبار أن العلاقة بين الإنسان والله، علاقة مباشرة، وهي في ظل الحب الإلهي لا تحتاج إلى صلاة من أحد..! وبالتالي تكون كل الصلوات من أجل الآخرين التي وردت في الكتاب لا معنى لها وضد الحب الإلهي!!

 إن صلوات البشر بعضهم لأجل بعض (منتقلين ومجاهدين) دليل على المحبة المتبادلة بين البشر، ودليل على إيمان البشر الأحياء بأن الذين إنتقلوا ما يزالون أحياء يقبل الله صلواتهم، دليل على إكرام الله لقديسيه.

 من أجل هذا سمح الله بهذه الشفاعات، لفائدة البشر. وهذه الشفاعة أقامت جسرًا ممتدًا بين سكان السماء وسكان الأرض. ولم تعد السماء شيئًا مجهولًا مخيفًا في نظر الناس. وأصبح للناس إيمان بالأرواح وعملها ومحبتها.

  1.  تفاصيل أمثلة الشفاعة في العهدين:

أولا:- الشفاعة الكفارية: التي من الرب وحده “لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح” (1تي2: 5).

لذلك اقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه وأحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (إش53: 12).

فرأى انه ليس إنسان وتحير من انه ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده” (اش59: 16).

يا أولادي اكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وان أخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار” (1يو2: 1).

الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من اجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله” (رو3: 25).

الذي اسلم من اجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا” (رو4: 25).

من أجل ذلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع”  (رو5: 12).

ثانيا:- الشفاعة التوسلية : وهي صلاة القديسين من اجلنا.

* الشفاعة التوسلية في العهد القديم:

1. صلاه ابيمالك كانت قويه عندما كانت مصحوبة بصلاة إبراهيم إلى الله والقصة مسرودة في سفر التكوين الإصحاح (20) فقال الله لابيمالك في الحلم “أنا أيضًا علمت انك بسلامة قلبك فعلت هذا وأنا أيضًا أمسكتك عن أن تخطئ إلى لذلك لم ادعك تمسها فالآن رد امرأة الرجل فانه نبي فيصلي لأجلك فتحيا وان كنت لست تردها فاعلم انك موتا تموت أنت وكل من لك فبكر ابيمالك في الغد ودعا جميع عبيده وتكلم بكل هذا الكلام في مسامعهم فخاف الرجال جدا ثم دعا ابيمالك إبراهيم وقال له ماذا فعلت بنا وبماذا أخطأت إليك حتى جلبت علي وعلى مملكتي خطية عظيمة أعمالًا لا تعمل عملت بي وقال ابيمالك لإبراهيم ماذا رأيت حتى عملت هذا الشيء فقال إبراهيم إني قلت ليس في هذا الموضع خوف الله البتة فيقتلونني لأجل امرأتي وبالحقيقة أيضًا هي أختي ابنة أبي غير أنها ليست ابنة أمي فصارت لي… فاخذ ابيمالك غنما وبقرا وعبيدا وإماء وأعطاها لإبراهيم ورد إليه سارة امرأته وقال ابيمالك هوذا ارضي قدامك اسكن في ما حسن في عينيك فصلى إبراهيم إلى الله فشفى الله ابيمالك وامرأته وجواريه فولدن لان الرب كان قد أغلق كل رحم لبيت ابيمالك بسبب سارة امرأة إبراهيم“.

2. شفاعة إبراهيم من اجل سدوم وعموره التي يسكن فيها لوط أخيه وفي التكوين (18) نقرأ “فتقدم إبراهيم وقال أَفَتُهْلِك البار مع الأثيم عسى أن يكون خمسون بارا في المدينة أَفَتُهْلِك المكان ولا تصفح عنه من اجل الخمسين بارا الذين فيه حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم حاشا لك أديان كل الأرض لا يصنع عدلا فقال الرب إن وجدت في سدوم خمسين بارا في المدينة فاني اصفح عن المكان كله من اجلهم…. فقال لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط عسى أن يوجد هناك عشرة فقال لا اهلك من اجل العشرة وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع إبراهيم ورجع إبراهيم إلى مكانه” (تك 18).

3. رفض الرب صلاة أصحاب أيوب بسبب أنها لم تكن مصحوبة بصلاة أيوب (اي42: 8) وقبولها بعد ذلك “والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلى عبدي أيوب واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم وعبدي أيوب يصلي من أجلكم لأني ارفع وجهه لئلا اصنع معكم حسب حماقتكم لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب فذهب اليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماتي وفعلوا كما قال الرب لهم ورفع الرب وجه أيوب ورد الرب سبي أيوب لما صلى لأجل أصحابه وزاد الرب على كل ما كان لأيوب ضعفا“.

  1. تشفع موسي بإبراهيم واسحق (خر 32: 11-13) “فتضرع موسى أمام الرب إلهه وقال لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك الذي أخرجته من ارض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة لماذا يتكلم المصريون قائلين أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال ويفنيهم عن وجه الأرض ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك اذكر إبراهيم واسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم أكثر نسلكم كنجوم السماء وأعطي نسلكم كل هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الأبد“.

5. و صلى اسحق إلى الرب لأجل امرأته لأنها كانت عاقرا فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امرأته (تك 22: 21).

6. تشفع سليمان بداود أبيه في السماء (2أي 6: 42) وقال “والآن قم أيها الرب الإله إلى راحتك أنت وتابوت عزك كهنتك أيها الرب الإله يلبسون الخلاص واتقياؤك يبتهجون بالخير أيها الرب الإله لا ترد وجه مسيحك اذكر مراحم داود عبدك“.

7. قبول الرب صلاه داود من أجل أن لا تنقسم المملكة في أيام سليمان (1مل11:11-13) “فقال الرب لسليمان من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها فاني أمزق المملكة عنك تمزيقا وأعطيها لعبدك إلا أني لا افعل ذلك في أيامك من اجل داود أبيك بل من يد ابنك أمزقها على إني لا أمزق منك المملكة كلها بل أعطي سبطا واحدا لابنك لأجل داود عبدي ولأجل أورشليم التي اخترتها“.

8. إقامة الميت إكرامًا لاليشع النبي بمجرد لمس الميت لعظامه (2مل13: 20) “ومات اليشع فدفنوه… وفيما كانوا يدفنون رجلًا إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر اليشع فلما نزل الرجل ومس عظام اليشع عاش وقام على رجليه…. فحن الرب عليهم ورحمهم والتفت إليهم لأجل عهده مع إبراهيم وإسحق ويعقوب ولم يشأ أن يستأصلهم ولم يطرحهم عن وجهه حتى الآن“.

9.  لقد دعي الرب نفسه “اله إبراهيم” (تك31: 42) “لولا أن اله أبي اله إبراهيم وهيبة اسحق كان معي لكنت الآن قد صرفتني فارغا مشقتي وتعب يدي قد نظر الله فوبخك البارحة” وفال أيضًا “فظهر له الرب في تلك الليلة وقال أنا اله إبراهيم أبيك لا تخف لأني معك وأباركك وأكثر نسلك من اجل إبراهيم عبدي (تك26: 24) + وهوذا الرب واقف عليها فقال أنا الرب اله إبراهيم أبيك واله اسحق الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك” (التكوين 28: 13) وأيضًا “ثم قال أنا اله أبيك اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله (الخروج 3: 6) + وقال الله أيضًا لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه اله آبائكم اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب أرسلني إليكم هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور” (خر3: 15).

10. تشفع موسي من أجل برص أخته فشفاها الرب “فقال هرون لموسى أسألك يا سيدي لا تجعل علينا الخطية التي حمقنا وأخطأنا بها فلا تكن كالميت الذي يكون عند خروجه من رحم أمه قد أكل نصف لحمه فصرخ موسى إلى الرب قائلا اللهم اشفها فقال الرب لموسى ولو بصق أبوها بصقا في وجهها أما كانت تخجل سبعة أيام تحجز سبعة أيام خارج المحلة وبعد ذلك ترجع فحجزت مريم خارج المحلة سبعة أيام ولم يرتحل الشعب حتى أرجعت مريم”(عدد12).

11. تشفع الرب من اجل الشعب لأجل انه قد عبد العجل الذهب “فرجع موسى إلى الرب وقال آه قد أخطأ هذا الشعب خطية عظيمة وصنعوا لأنفسهم إلهة من ذهب والآن أن غفرت خطيتهم وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت فقال الرب لموسى من أخطأ إلى امحوه من كتابي والآن اذهب أهد الشعب إلى حيث كلمتك هوذا ملاكي يسير أمامك ولكن في يوم افتقادي افتقد فيهم خطيتهم فضرب الرب الشعب لأنهم صنعوا العجل الذي صنعه هرون” (خر33: 30).

12.  الملائكة تشفع من أجل سلامة العالم: “فأجاب ملاك الرب وقال يا رب الجنود إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذه السبعين سنة فأجاب الرب الملاك الذي كلمني بكلام طيب وكلام تعزية فقال لي الملاك الذي كلمني ناد قائلا هكذا قال رب الجنود غرت على أورشليم وعلى صهيون غيرة عظيمة” (زك12:1و13) فنجد أن خلاص اوروشاليم كان نتيجة لصلاة الملائكة.

13.  تصريح الهي بان القديسين يقفون أمام الرب للشفعة ولكثرة شرور هذا الشعب فان الرب لن يسمع لصلواتهم “ثم قال الرب لي وان وقف موسى وصموئيل أمامي لا تكون نفسي نحو هذا الشعب اطرحهم من أمامي فيخرجوا” (ار15: 1).

14. “كان إيليا إنسانًا تحت الآلام مثلنا وصلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر ثم صلى أيضًا فأعطت السماء مطرا وأخرجت الأرض ثمرها” (يعقوب 5: 17).

15. لعل الرب إلهك يسمع جميع كلام ربشاقى الذي أرسله ملك أشور سيده ليعير الإله الحي فيوبخ على الكلام الذي سمعه الرب إلهك فارفع صلاة من اجل البقية الموجودة” (2مل19: 4) وأيضًا قال الرب لإرميا “وآنت فلا تصل لأجل هذا الشعب ولا ترفع لأجلهم دعاء ولا صلاة لأني لا اسمع في وقت صراخهم إلى من قبل بليتهم” (إر11: 14).

* الشفاعة التوسلية في العهد الجديد:

 الصلاة من اجل القديسين في العهد الجديد

  مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين (أف6:  18).

  وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وان كان قد فعل خطية تغفر له (يع5: 15).

 فاطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس (1تي2: 1).

 ولما اخذ السفر خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوة بخورًا هي صلوات القديسين (رؤ5: 8).

 وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب وأعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش (رؤ8: 3).

 فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله (رؤ  8: 4).

 فاخرج بطرس الجميع خارجا وجثا على ركبتيه وصلى ثم التفت إلى الجسد وقال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها ولما أبصرت بطرس جلست (أع 9: 40).

   فحدث أن أبا بوبليوس كان مضطجعا معترى بحمى وسحج فدخل إليه بولس وصلى ووضع يديه عليه فشفاه (أع 28: 8).

  ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية وإذ قال هذا رقد (أع7: 60).

  من اجل ذلك نحن أيضًا منذ يوم سمعنا لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم أن تمتلئوا من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحي (كو1: 9).

  من اجل ذلك نحن أيضًا نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضًا فيكم انتم المؤمنين (1تس2: 13).

* بخصوص شفاعة القديسون بعد انتقالهم:

أكرر الجزء السابق عن كنيسة الأحياء: فمن الضروري حينما نتحدث عن الكنيسة أن لا نتحدث عنها بصورة أحياء وأموات، فمن الخطأ أن نعتقد أن الذين يعيشون الآن من أعضاء الكنيسة هم الأحياء بينما المنتقلين من الآباء والقديسين هم أموات حيث أن هذا مخالف لتعاليم السيد المسيح نفسه حينما يقول:” أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب، ليس الله اله أموات بل اله أحياء” (مت 22: 32). “ليس هو اله أموات بل اله أحياء. فأنتم إذا تضلون كثيرًا” (مرقس 12: 27)، “وليس هو اله أموات بل اله أحياء لأن الجميع عنده أحياء” (لوقا 20: 38). فمن الضروري أن نتحدث عن الكنيسة باعتبارها كنيسة واحدة، جسد المسيح الحي، بقسميها الكنيسة المنتصرة وتشمل المنتقلين الذين أكملوا جهادهم على الأرض وهم الآن أحياء بأرواحهم في الفردوس، والكنيسة المجاهدة وتشملنا نحن الذين نجاهد من أجل أن نكمل سعينا بخوف ورعدة.  وقد ظهر “موسى وإيليا” في لوقا 29:9-31 مع السيد المسيح وتكلما معه!

سأكتفي هنا بذكر الشواهد، ولك أن تقوم بدراستها لتتأكد بنفسك:

* حتى عظام القديسين، أو بعض آثارهم، فيها قوة إلهية ويمكن أن يصدر عنها معجزات: (2مل20:13، 21؛ أع15:5، 16؛ 11:19، 12).

* الله إله أحياء وليس إله أموت: (مت32:22؛ لو29:9-31).

* القديسون لهم دالة عند الله أيضًا بعد انتقالهم للسماء: (تك11:25؛ 5:26؛ خر11:32-13؛ تث9:7؛ 1مل11:11-13؛ 31-34؛ 2مل23:13؛ 34:19؛ 2أخ42:6).

* الصلة بيننا وبين القديسين لا تنقطع بعد انتقالهم للسماء، لأنهم لم ينفصلوا عن جسد المسيح: (2تي16:1-18؛ لو37:20، 38).

* القديسون الذين انتقلوا والملائكة في السماء يعرفون أحوالنا على الأرض: (1صم16:28؛ 2أخ12:21-15؛ لو7:15، 10؛ 29:16؛ 1كو12:13؛ رؤ9:6-11)

* الملائكة يعرفون صلواتنا، لأنهم يحملونها إلى عرش الله:  (مت10:18؛ أع4:10؛ رؤ8:5؛ 4،3:8).

* الملائكة يساعدوننا في جهادنا حتى نرِث الخلاص:  (تك9:16؛ 7:24؛ 1:32، 2؛ 16:48؛ خر19:14، 20؛ مز7:34؛ زك1:3، 2؛ عب14،13:1).

 

+

ولإلهنا كل مجد و كرامة الى الابد آمين

كتاب اللاهوت المقارن (1) لقداسة البابا شنودة الثالث

موقع الأنبا تكلا