يحكي القمص تادرس يعقوب هذه القصة: منذ سنوات إذ كنت في طريقي إلى القاهرة لتدريس مادة الباترولوجي (أقوال الآباء وكتاباتهم) تعرفت على شخص جلس بجواري في الديزل. روى لي هذا الإنسان الذي يقترب من الستينات هذه القصة:

“أنا أعمل مدير في….، وعلاقتي بكل زملائي والمرؤوسين ممتازة، فنحن نعيش كما في جو عائلي.

بدأ رئيسي يضايقني بلا سبب. كان عنيفًا جدًا معي، وكان حتى المرؤوسين متضايقين لى، إذ تربطني بهم علاقة حب.

بدأ يضغط أكثر فأكثر حتى أحسست أنه لا مفر لي سوى الخروج “على المعاش المبكر” خشية أن أُصاب بأزمة قلبية أو أي مرض خطير بسبب الضغط العصبي.

بدأت الفكرة تسيطر عليّ، لكنني قررت أن أذهب إلى أبي قير في شقة خاصة بي لأقضي أسبوعين خلوة مع إلهي قبل أخذ القرار النهائي. وبالفعل طلبت إجازة أسبوعين وذهبت بمفردي إلى أبي قير.

كرست هذين الأسبوعين للصلاة، خاصة بالمزامير، وكنت أتمتع بالكتاب المقدس في جو هادئ ممتع. نسيت كل مشاكلي ومتاعبي وطلبت مشورة إلهي. وجاء قراري في العمل مهما فعل! سأتحمله بفرح!

نسيت كل ما فعله بي رئيسي، وانطلقت في أول يوم بعد الأجازة مشتاقًا أن أراه، فقد اتسع قلبي بحبه جدًا.

التقيت بزملائي والمرؤوسين الذين استقبلوني بحرارة كأحد أفراد الأسرة، ثم قالوا لي: “اخبرنا ماذا فعلت برئيسك؟ ” قلت: “لماذا تسألوني هكذا؟” قالوا: “اليوم جنازته!” بكيت، وشعر الكل إني صادق في حبي له! قلت لهم: “صدقوني: إني أحبه!”

دُهش الجميع كيف أحب من يستخدم كل وسيلة لمضايقتي، ولم يدركوا أن الصلاة تهب الإنسان قلبًا متسعًا بالحب، فلا يضيق لأية مشكلة!