التسليم من خلال الصليب
انظروا كيف قدم الابن ارادته للاب على الصليب لكى يعلن ان لهما ارادة واحدة (لتكن لا ارادتى بل ارادتك) لو 42:22
فاختفى انت فى الصليب و سمر ارادتك معه و احتمل الشيق و الحزن و التعيير و تخلى الاحباء حينئذ ستقوم معه بمجد و
فرح و نصرة ، سلم له حياتك و هو سيحول مرارتك الى حلاوة و ضعفك الى رجاء و نصرة
تامل كيف قبلت السيدة العذراء البشارة مع نبوة سمعان الشيخ انه سيجوز فى نفسها سيف ، حفظت السيدة العذراء كل هذا
الكلام متفكرة به فى قلبها و قبلت كل ما ترتب على البشارة من ترك الهيكل و الخطبة ليوسف و شك يوسف فيها و رغبته
فى تخليتها سرا و لكن اى كرامة التحفت بها و اى طوبة نالتها….حتى صار تسبيح العذراء على كل فم و مجدها الذى وهبه
الله لها مجدا لم ينله انسان قط.
انظر كيف عاش ابونا ابراهيم حياة التسليم فعندما دعاه الله لتركه كل شىء حتى عشيرته اطاع دون ان يعرف المكان الجديد
الذى سينقله الله اليه حتى عندما طلب الله منه ان يسلم له ابنه بتقديمه ذبيحه لم يمسكه عنه و كذلك اسحق لم يتذمر و لم
يرفض بل فى تسليم عجيب و براءة يسال عن الذبيحة و لما وضعه ابوه على الحطب لم يهرب و كان عمره وقتئذ 25 عاما
فلما سلم ابراهيم حياته لله اعطاه الله البركة و جعل الامم تتبارك فيه و جعله اصل ذرية شعب اسرائيل و اما اسحق و الذى
هو رمز للمسيح فقد عاش حياه صالحة الى شيخوخة مباركة و به دعى لابراهيم النسل (باسحاق يدعى لك نسل)
بين التسليم و التواكل:
و لكن التسليم لا يعنى ان نقف مكتوفى الايدى مترقبين عمل الله فهناك دور علينا القيام به ففى التسليم يقوم الانسان باداء
دوره كاملا دون نقصان او تهاون يكون امينا و جدا فاذا ما ادى الدور المنوط به كاملا فانه حتما سيتقبل بعد ذلك النتيجة
التى سيضعها له الله و يفرح بها دون تذمر او تشكك.
اما التواكل فهو ان يقف الانسان مكتوف الايدى بلا عمل بلا تعب بلا جهاد او سهر و عرق لينتظر ان يقوم الله بعمل كل
شىء و لكن الله لم يعلمنا و لم يسلمنا مثل ذلك و انما علمنا ان نستخدم الامكانيات و الطاقات التى وهبنا اياها ثم يكمل هو
بعد ذلك
مثال: ففى معجزة اشباع الجموع طلب السيد المسيح من تلاميذه ان يقدموا هم طعاما للشعب و بالقليل من الخبز و السمك
كاقصى طاقة لهم اكمل العمل و اشبع خمسة الاف عادة النساء و الاولاد.
المرجع: كتاب حياة التسليم : الاسقف العام : مكاريوس