قال الرب فى العظة على الجبل “لا تقاوموا الشر” (مت 39:5).
قال هذا فى مجال الاعتداء ، حتى لا ينتقم الانسان لنفسه و فى نفس المجال قال معلمنا بولس الرسول “لا تجازوا عن شر بشر….لا تنتقموا لانفسكم ايها الاحباء” (رو19:12).
السيد المسيح وقف صامتا امام مجمع السنهدريم ، و امام بيلاطس ، و لم يدافع عن نفسه و لو دافع لافحم الكل و لكنه كان “كشاه تساق الى الذبح…ولم يفتح فاه” (اش 7:53) و فى عدم مقاومته أذهل بيلاطس فقال “لا أجد علة فى هذا البار”
و يوسف الصديق ، ألقاه أخوته فى البئر ، و لم يقاوم و باعوه كعبد و لم يقاوم و حتى لما ألقاه فوطيفار فى السجن لم يقاوم و كان قوى القلب فى عدم مقاومته ، أما الله ، فمن سمائه رأى و نظر و كتب أمامه سفر تذكره…
و هابيل البار لم يقاوم أخاه قايين.
و داود النبى لم يقاوم شاول.
فى عدم المقاومة اعتماد على الله ضابط الكل.
و فى غالبية المقاومات ، اعتماد على الذات…
الذى لا يقاوم الشر ، فى داخله فضيلة احتمال و فضيلة صبر و أيضا ايمان بعمل الله و بتدخله.
و فى صمته لون من التسليم لمشيئة الرب.
و الذى يقاوم ، كثيرا ما يكون سهل الاستثارة ، يثار بسرعة و ينفعل بسرعة و يرد بسرعة و يفقد حبه بسرعة نحو من يسىء اليه.
على أن عدم مقاومة الشر تحتاج الى نفوس قوية : قوية فى ايمانها و قوية فى احتمالها.
ليتك تدرب نفسك على هذه الفضيلة.
ليس انك لا تقاوم ، منتظرا من الرب أن ينتقم لك بل انك تصمت و تنسى الاساءة.
لا يكون لك رد فعل فى الخارج و حتى فى الداخل تدرب نفسك على الهدوء و عدم الانفعال.
ترتفع فوق مستوى الاساءة ، و ترفع قلبك الى الله. لا تدافع فالله هو وحده المدافع عنك.
قداسة البابا شنوده الثالث
كتاب كلمة منفعة
الجزء الثالث
(101-150)