دخل شابٌ إلى إحدى الكنائس، وسمع الواعظ يتكلّم عن دخول الخطيئة إلى الحياة البشرية عندما عصى آدم على الله؛ وأنّ كل إنسان خاطئ لا بالوراثة من آدم فقط، بل وبإرادته الشخصية أيضًا، وأنّ ما من إنسانٍ لم يعصَ الله. وختم الواعظ كلامه بأن الله من محبته جسّد كلمته الأزلية في شخص السيد المسيح الذي مات حاملًا عقاب البشر على الصليب، وقام منتصرًا على الموت والشيطان، وفاتحًا باب الخلاص من جهنّم لكل مَن يؤمن به.

عند نهاية العظة دنا الشاب إليه قائلًا: “لستُ بحاجة إلى فداء المسيح لكي أرضي الله، وأنا لست خاطئًا كما فعل آدم!” فنظر إليه الواعظ مبتسمًا وأجاب: “إني أدعوك لتناول الغذاء معي اليوم، لنتكلّم بهذا الموضوع.” فوافق الشاب. وبعد خروج العابدين؛ توجّه الاثنان إلى بيت الواعظ، وراح الأخير يضع أشهى المآكل على مائدة الطعام، بينما كان الشاب مراقبًا منتظرًا. ثم، وضع الواعظ طبقًا كبيرًا مغطىً في وسط المائدة، وقال للشاب: “إني سأخرج لعشر دقائق فقط، فأرجو منك أن تبدأ بالأكل؛ ولكن، اُترك لي هذا الطبق في وسط المائدة!” فاندهش الشاب، لكنه جلس أمام المائدة، بينما خرج الواعظ من البيت. مضت بضع دقائق، والشاب يتفرّس في الطبق المغطّى، مع أن المائدة كانت مملوءة من الأطعمة الشهية. ولم يتمالك نفسه حتى رفع غطاء الطبق، وإذا بعصفور جميل يطير منه ويغطّ على الثريا فوق المائدة، فأسرع الشاب ووقف على المائدة ليلتقط العصفور، لكنّه طار مجددًا من النافذة بينما وقع الشاب لاضطرابه على الصحون، فتكسّر ما تكسّر، وانسكبت الأطعمة على الكراسي وعلى الأرض؛ وإذا بالباب قد انفتح فدخل الواعظ ورأى الشاب خجولًا وقد وسّخ ثيابه وقاعة الطعام؛ فقال الشابُ: “لستُ أفضل من آدم، فقد فعلتُ مثله، بل أكثر، لأني علمتُ ما فعل، ومع ذلك لم أتعظ!” فأجابه الواعظ: “كنتُ سأهديك هذا العصفور، لو أثبَتّ فعلًا انك أفضل من آدم؛ لكن الآن، هناك هدية أعظم، لا منّي، بل من الله، فقد سدد المسيح ديون خطاياك وما دمّرته في حياتك وحولك، وهو مستعدٌ ليهبك روحه القدّوس ليجدّد حياتك، فترضي الله بقوته ونعمته؛ فما رأيك بعطية الله؟ فاعترف الشاب كم هو خاطئ ومحتاج إلى غفران الله؛ ولمس فعلًا تجديد روحه وخرج من بيت الواعظ إنسانًا جديدًا