“الذى يحبه الرب يؤدبه” (عب 6:12
انه تاديب لفائدتنا و لشفائنا ، ننتفع به كما ننتفع بكل مواهب الرب و عطاياه و يقول القديس بولس الرسول عن هذا التاديب “ان كنتم تحتملون التاديب ، يعاملكم الله كالبنين . فاى ابن لا يادبه ابوه و لكن ان كنتم بلا تاديب … فانتكم نغول بلا بنون) (عب 7،8:12)
انه تاديب ليس بقسوة بل تمتزج به الرحمة
و هكذا قيل انه يجرح و يعصب . (يسحق و يداه تشفيان) منذ البدء تعامل الله مع البشرية بهذا الاسلوب كما فى قصة ابوينا ادم و حواء ، باركه و سلطه على كل الارض و لكن لما اخطأ عاقبه الله و قال له بعرق جبينك تاكل خبزك ، ملعونة الارض بسببك بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك و شوكا و حسكا تنبت لك (تك 17،18:3) و قال للمراه تكثيرا اكثر اتعاب حبلك. بالوجع تلدين اولادا (تك16:3)
و فيما عاقب الله ادم و حواء بشرهما بالخلاص . بشرهم بان نسل المراه سيسحق راس الحية (تك 15:3) و هكذا جاء السيد المسيح من نسل حواء ليسحق نسل الحية اى الشيطان (رؤ2:20) و اذا بالخلاص الموعود به يكون مع العقوبة فى وقت واحد حقا ان الله يجرح و يعصب ،يطرد ادم و حواء من الجنة و يعيدهما – و كل البشرية – بالخلاص –
نفس المعاملة نراها فى قصة يونان النبى
لقد اخطا يونان و خالف امر الله فالقى فى البحر و اعد الرب حوتا عظيما ابتلع يونان و لكن الله لم يسمح بالحوت ان يضر يونان و خرج منه سالما ، حقا ان الله يجرح و يعصب
ما اجمل قول داود النبى “تاديبا ادبنى الرب و الى الموت لم يسلمنى (مز18:118)
ما اكثر التاديبات التى ادب بها الرب عبده داود و سمح الرب ان يقوم على داود ابنه ابشالوم و يذله و منعه الرب من بناء الهيكل مع ضيقات اخرى و مع ذلك كان الرب مع داود و باركه و نجاه فسبح بعمل الرب و قال (قوتى و تسبحتى هو الرب و قد صار لى خلاصا (مز118)
سليمان ايضا ابن داود عامله الله بنفس المعاملة و قال عنه ان تعوج ادبه بقضيب الناس و ضربات بنى ادم و لكن رحمته لا تنزع منه (2صم 15:14)
ايضا سمح الله بالتجربة ليوسف الصديق و اخرجه منها بمجد (سمح ان يضطهدوا اخوته و ان يلقوه فى البئر و ان يبعوه كعبد و سمح ان تتهمه امراه فوطيفار ظلما فيلقى فى السجن و يبقى فيه سنوات و لكن الرب كان معه و انجحه فى كل شىء و اعطاه موهبة تفسير الاحلام كما منحه نعمه فى عينى فرعون فجعله الثانى فى المملكه …. و اتى اخوة يوسف اليه فى مصر و سجده بين يديه و قال لهم “ليست انتم ارسلتمونى الى هنا بل الله كما قال لهم “انتم قصدتم لى شرا اما الله فقصد به خيرا ليحى شعبا كثيرا” (تك 20:50)
حقا هذا هو الله الذى يجرح و يعصب
المرجع : كتاب الله و الانسان لقداسة البابا شنودة الثالث