اكثر شىء يتعب الناس فى روحياتهم عدم الثبات.
كأن يتوب الانسان أو يظن انه تاب و يعترف و يتناول ثم يرجع الى خطيته كما كان دون ثبات فى التوبة و مشاعر الندم التى كانت عنده لا تثبت كذلك رغبته فى الحياه مع الله.
ان الذين يسلكون هكذا ليست لهم علاقة مستمرة بمحبته و لا بملكوته ، انما يعرجون بين الفرقتين:
فى يوم يعبدون الرب فى خيمة الاجتماع و يوما اخر يسجدون للعجل الذهبى يسيرون شهورا مع الرب تحت السحابة و فى و فى وقت اخر يتذمرون و يبكون و يقولون ليتنا كنا فى ارض مصر الى جوار قدور اللحم…
ياكلون الفصح مع المسيح و يتفقون مع الكهنه على تسليمه.
يقولون للرب “و لو ادى الامر ان نموت معك” و بعد ساعات ينكرونه امام جاريه ثلاث مرات.
ان عنصر عدم الثبات يتعب الحياه الروحية و يخلخل قوتها ان استمرت حالة المرء هكذا.
و عدم الثبات فى الحياه الروحية، له اسباب متعددة:
قد يرجع الى أن الحياه الروحيه غير مبنية على الحب ، أو هى مجرد شكليات من الخارج ليس لها اساس فى اعماق النفس و فى اقتناع الفكر..
و قد يكون السبب فى العلاقة مع الله خوفا طارئا مضت مدته و انتهى أو حرارة طارئة فترت بعد حين أو بأثر وقتى زالت اسبابه ، فزالت الحياه الروحية معها.
و قد تكون العلاقة مع الله قد بدأت ، دون أن تنتهى العلاقة مع الخطية ، أو مازالت اسبابها باقية.
و قد تكون شخصية الانسان مهتزة ، أو قابلة للميل ، سريعة التأثر لليمين أو اليسار ، تجذبها الروحيات أحيانا ، و تجذبها العالميات حينا اخر.
ان عدم الثبات لا يساعد مطلقا على النمو الروحى
اذ كيف ينمو الانسان ، ان كان يتراجع احيانا الى الوراء ، و يسقط و يقوم ، و يقوم و يسقط ، بغير ثبات؟
لذلك يقول الرب “اثبتوا فًىَ و انا فيكم”
انه يطلب هذا الثبات ، و يقول اثيتوا فى محبتى.
قداسة البابا شنوده الثالث
كتاب كلمة منفعة
الجزء الثالث
(101-150)